يوقظوا فيها حمية القومية، فنودي على الفور بعد جلاء المفرقين الخبثاء بالقومية العربية، قبل أن يسبق أحد بنداء الأخوة الإسلامية، وساد نداء القومية كل تراب العرب، وكان قد قُدم لها بعمل ثابت، وهو إنشاء الجامعة العربية، ونادت أصوات مسلمة مخلصة تطالب بانتهاز الفرصة وجعلها جامعة إسلامية، لتوصد السبيل على تحريك القوميات مستقبلا، وليجتمع فيها العالم الإسلامي كلّه، عسى أن يكون ذلك تمهيدا لعودة الخلافة، لتعود قوة المسلمين لما وُحِّدوا تحت الحكم بالقانون القرآني، لكن هذه الأصوات أهملت ولم يصغ إليها، وغلبت الجامعة العربية الجامعة الإسلامية، وأتى بعدها تبعاً شعار القومية العربية، وليس الأخوة الدينية، والآن تم للأعداء كل ما أرادوه من إيقاظ التمييز، حيث نظر إلينا بقية العالم الإسلامي نظرة الحذر والخيفة، فلم يشتركوا مع العرب لما بُغي عليهم إلا بالقرارات في المؤتمرات، ولم يطلقوا معنا رصاصة واحدة، والحق لهم، ألم نجعل لأنفسنا جامعة تختص بنا، وقومية تتميز بها، وفي ظل الجامعة العربية والقومية العربية، دخلت الشيوعية عدوة الإسلام الأولى أرض العرب وانتشرت، بل سادت وحكمت، وفي ظل القومية العربية اشتعلت الخصومات بين العرب، وتقاتلت دولهم بالجيوش، وفتك أبناء العم ببعضهم بالآلاف في حروب تتجدد لسنين هنا وهناك، وفي ظل ذلك أيضاً قرأ العالم في صحافة العرب وسمع من إذاعتهم أفحش ما يكتب وما يُقال من قذف وتجريح، وتفضيح للأسرار وتشهير بالأعراض، بما لم ينج منه محكوم ولا حاكم، وهكذا كنا الأمة الوحيدة التي عرف العالم عنها هذا النوع من الأدب العربي الحديث، وفي ظل ذلك وقعت الرزية الكبرى التي أصابت في أحشائها، لما ضاع قدسنا وما حوله من ملك إسلامي عريض، قدمه إلينا أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوة زنودهم لما جمعتهم جامعة دينية، وأضعناه نحن في ظل القومية العربية [1] وليمشي المكر السيء من أعدائنا بلا توقف، جعلوا قضيتنا