أما الفهم الصحيح لمعاني الآيات فإنما يتم له إذا توفرت فيه الشروط التي لابد منها لمن تصدى لتفسيره، ومنها على ما ذكره الأئمة: "علمه باللغة العربية علما تاما وافيا مفرداتها وأساليبها وحقائقها ومجازاتها وكتاباتها، وعلمه بسائر علوم العربية، وعلمه بما يجوز في حق الله تعالى وما يجب وما يستحيل، وعلمه بالنبوات ونشؤها وبالرسالات السماوية وما يتعلق بذلك ثم مع ذلك كله إخلاصه لله تعالى في تفسير كلامه والبيان عن مراده حتى لا يدخل في مداخل السوء ولا يصده الهوى عن الحق والهدى".

والترجمة الصحيحة إنما تتم إذا توفر للمترجم العلم بكل ذلك والتزم الصدق والإخلاص والأمانة والحق في الترجمة…

وكل ذلك مفقود فيمن تصدى لترجمة القرآن الكريم من الفرق الضالة وأمثالهم، فإن أكثرهم لا يقيمون وزنا للعلوم الدينية ولا للسنن الصحيحة التي وردت في الآيات تفسيرا لها وبيانا لأسباب نزولها، ولا لأقوال الصحابة والأئمة في معاني الآيات؛ ثم إنهم جميعا لا يؤمنون بقداسة كلام الله وجلالة قدره العظيم، بل لا يؤمنون بالله وبصفاته وكلامه وكتابه ولا برسوله الذي أنزل عليه كتابه الكريم ولا بأقواله وأفعاله، وأنها سنن هدى للمؤمنين، فمن الذي يقيم وزنا لهذه الترجمات الضالة بعد ذلك من المسلمين.

خامسا: أنه يرحم شرعا على من لم يكن راسخا في العلوم الشرعية، عليما بما جاء بها من الأحكام، قديرا على دفع الشبه ورد المزاعم الباطلة، أن ينظر في التراجم الضالة خشية أن تفتنه وتغويه ويضل السبيل؛ قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} (هود:113) …

وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: من الآية63) …

طور بواسطة نورين ميديا © 2015