وقال الإمام أبوبكر في الانتصار: "ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم، لقد كان جبريل يقول: ضع آية كذا في موضع كذا؛ والذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه هو هذا الذي بين الدفتين الذي حواه مصحف "عثمان رضي الله عنه"وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه شيء، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتبه عليه رسول الله في آي السور لم يقدم في ذلك مؤخر ولا أخر مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل السور ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القراءات وذات التلاوة".
وقال البغوي في شرح السنة: "إن الصحابة رضي الله عنهم قد أجمعوا بين الدفتين القرآن دون أن يزيدوا فيه شيئا أو ينقصوا منه شيئا كما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم دون أن يقدموا شيئا أو يؤخروا شيئا أو يضعوا له ترتيبا غير ما أخذوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم".
وكان عليه الصلاة والسلام يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو في مصاحفنا بتوقيف جبريل عليه السلام إياه على ذلك وإعلانه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا، وهو على هذا الترتيب مكتوب كله في اللوح المحفوظ، وقد أنزله الله مفرقا على رسوله على حسب الحاجة.
وقال العلامة الألوسي في مقدمة تفسيره: "كان صلى الله عليه وسلم يأمر كتاب الوحي بكتابة ما نزل، وكان القرآن على عهده صلى الله عليه وسلم مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن في مصاحفنا، وقد حفظه على هذا الترتيب جماعة من الصحابة منهم "عبد الله بن مسعود"وأبي بن كعب وغيرهما، وختموا القرآن عدة ختمات بهذا الترتيب، ومن خالف ذلك لا يعتد به، وأن ترتيب آياته وسوره بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن رب العالمين، وقد أجمعت الأئمة على أن ترتيب الآيات توقيفي، وهذا لا شبهة فيه ولا خلاف…"