وقد أثبتت الأحداث أن الكفار واليهود بخاصة لا عهد لهم، ولن يألوا غدرا وتآمرا، ولن يفسحوا في حرية الانطلاق لتبليغ أمر الله ونشر رسالته في الأرض، وأنهم إن وادعوا المسلمين باليد لم يوادعوهم باللسان، وإن أظهر لهم المسلمون مودة أبطنوا لهم كراهية وحقدا وإن أشركوهم في بعض مصالحهم أفسدوها عليهم ولقد لقي رسول الله صلى عليه وسلم وأصحابه غدرا بليغا وأسى كبيرا من المشركين كغدرهم بالمسلمين في غزوة الرجيع وبئر معونة إذ لا عهد لهم ولا ذمة، ولذلك نزل الأمر الإلهي بتنظيف الجزيرة العربية من المشركين والكفرة المتآمرين ليأمنوا من ورائهم إذا انطلقوا إلى فتح العالم.
وهكذا نجد أن في مقومات النصر الأساسية
أ-إبعاد المعوقين عن صفوف الجيش.
ب- تطهير مراكز تجمع المسلمين وانطلاقهم من الأعداء الحقيقيين.
5- التسلح والتعبئة العامة:
تمتاز حروب المسلمين بأنها حققت منجزات كثيرة بأعداد قليلة، أعانهم على ذلك عامل خطير، ألا وهو إرهاب العدو وإرعابه. قال عليه الصلاة والسلام من حديث له "ونصرت بالرعب" [63] وأشار تعالى إلى هذا العامل الحاسم في هزيمة المشركين فقال: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [64] وقال في بني قريظة وكانوا معتصمين بالحصون المنيعة، فأسلموها واستسلموا: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [65] ذلك أن الرعب يقضى على العدو بالهزيمة النفسية، وهي الهزيمة الحقيقية وظل هذا السلاح مقدمة الجيوش الإسلامية ما ضربت في الأرض فاتحة، ترتعد فرائص العدو إذا أحسوا لها اقترابا.