وهكذا نجد أن الروح الصليبية ذات تأثير عميق جداً على نظرة المعسكر النصراني الصليبي إلينا ومن ثم علاقتهم بنا، إلى درجة أنها تشكل شطر منطلق على نظرة المعسكر النصراني الصليبي إلينا أما الشطر الآخر لهذا المنطلق فقد نشأ من نفس الظروف والأحداث التي نشأت عنها الروح الصليبية.. هذا الشطر الآخر: هو الثأر القديم الذي يشعر به المعسكر النصراني الصليبي تجاه الإسلام والمسلمين..
الثأر القديم:
أيها الأخوة: فقد قلنا إن المعسكر النصراني الصليبي وجد نفسه أمام عملاق خرج من هذه المدينة المنورة فانتزع منه مكانة الأستاذية والإرشاد في العالم، وما زعمه لنفسه من مكانة دينية في غفلة من الناس وبعدهم عن دين الله تعالى.. وانتزع منه شعوباً وأمماً كانت تخضع له وتدين لملوكه وكنيسته بالطاعة فأصبحت من جند الإسلام المخلصين تحمله وتفتح به البلاد وتهدي العباد بإذن الله تعالى..
وانتزع منه أيضاً أراضٍ واسعةٍ وبلاداً شتى كان ينفرد وحده باستغلال خيراتها لا يشاركه فيها أحد من الناس..
وانتزع كذلك أربع مدن رئيسية من أعز خمس مدن عليه في العالم وهي: (القدس، وإنطاكية، ونيقيه، والقسطنطينية) وبات يهدد الخامسة بالفتح وهي (روما) .
وفوق هذا كله فقد قضى على إمبراطوريته البيزنطية التي كان يعتبر إمبراطورها رأساً للعالم النصراني، ونائباً عن الله - تبارك وتعالى عن ذلك علواً كبيرًا.
وهكذا وجد المعسكر النصراني الصليبي نفسه أمام عدو طعنه طعنات نجلاء، وجرحه جروحاً غائرة لا تندمل، ولا يمكن أن تندمل حتى يثأر لنفسه منه، ويسترد - بزعمه وتصوره -مكانته
وسائر ما انتزعه الإسلام منه من البلاد والعباد، وهداها الله تعالى به..