ومن خصائص هذا الجيش أن أفراده المبشرين بالنصر لا يجنون ثمرته حتى يستفرغوا جهدهم في القتال، ويثبتوا ثباتا يقطع عزم الأعداء، لأن هذه القدرة من الاحتمال هي البرهان العملي على ما وقر في القلب من حل التضحية قال تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [19] ثم يخرجون من هذه التجارب أصلب من الصخور الراسية لا تجتاحهم عاصفة من رهبة ولا سيل من غزو، وقد وضع الله المسلمين الأولين في ميادين الاختبار ورماهم بالعدو الكثير العنيد الحقود فظفروا بمرضاة الله وكانوا أحق بها وأهلها وذكر الله ما لقوا من عدوهم في غزوة الأحزاب فقال: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} [20]
وقد جعل الله لهذه المعاناة للزلزلة سنة خالدة في الأولين والآخرين يأخذ سبيلها من أراد أن يرتفع إلى مقام الأبطال وأن تفتح له أبواب الجنة فقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [21]