عبد الله بن عتبة، ثم من أهل الفتوى: أبان بن عثمان وسالم ونافع وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعلي بن الحسين وأبو بكر بن حزم ومحمد بن المنكدر ومحمد بن شهاب الزهري وغيرهم من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين فقد عاش هؤلاء في القرن الأول في المدينة المنورة، فهذا الفضل العظيم لم تجمعه أرض تحت السماء إلى يومنا هذا وإلى هذا أشار الإمام مالك في رسالته إلى الليث بن سعد فقال: "إن الله تعالى يقول في كتابه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ..} فإنما الناس تبع لأهل المدينة إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن وأحل الحلال وحرم الحرام إذ رسول الله بين أظهرهم يحضرون الوحي والتنزيل ويأمرهم فيطيعونه ويسن لهم فيتبعونه" [8] .
هذه بعض وجهة نظر مالك ولست الآن في صدد ذكر أدلته وإقامة الحجة لأصولهن فإن هذا بحث مستقل ولكن أردت أن أنبه شاخت وأمثاله بأن مالكاً لم يكن منكراً لحجية السنة كيف وقد روي عن الإمام يقول:"إنما أنا بشر أُخطئ وأصيبُ فانظروا في رأيي فما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" [9] ونكتفي بهذا القدر من الدفاع عن مالك.