ونبدأ بالرد على شاخت في الطعن على الحنفية فنقول: قد أثر عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: "إياكم وآراء الرجال. ودخل عليه رجل والحديث يُقرأ عنده فقال الرجل دعونا من هذه الأحاديث. فزجره الإمام أشد الزجر وقال له لولا السنة ما فهم أحد منا القرآن، ثم قال للرجل ما تقول في لحم القرد وأين دليله في القرآن فأفحم الرجل. وكان من عادة الإمام أن يقول:"حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي" [10] وقد روى أبو جعفر الشيزاماري بسنده المتصل إلى الإمام أبي حنيفة أنه كان يقول: "كذب والله وافترى علينا من يقول عنا إننا نقدم القياس على النص وهل يحتاج بعد النص إلى القياس وكان يقول نحن لا نقيس إلا عند الضرورة الشديدة وذلك أننا ننظر أولاً في دليل تلك المسألة من الكتاب والسنة ثم أقضية الصحابة فإن لم نجد دليلاً قسنا حينئذ.. سكوتاً عنه على منطوق به بجامع اتحاد العلة بينهما"وقال أبو مطيع:"كنت يوما عند أبي حنيفة في جامع الكوفة فدخل عليه الثوري ومقاتل بن حيان وحماد بن سلمة وجعفر الصادق وغيرهم من الفقهاء فكلموا الإمام وقالوا قد بلغنا أنك تكثر من القياس في الدين وإنا نخاف عليك منه فإن أول من قاس إبليس. فناظرهم الإمام من بكرة نهار الجمعة إلى الزوال وعرض عليهم مذهبه وقال إني أقدم العمل بالكتاب ثم بالسنة ثم بأقضية الصحابة مقدماً ما اتفقوا عليه على ما اختلفوا فيه، وحينئذ أقيس فقاموا كلهم وقبلوا يده وركبته وقالوا له أنت سيد العلماء فاعف عنا فيما مضى منا من وقيعتنا فيك بغير علم. فقال غفر الله لنا ولكم" [11] .ومثل هذا الكلام نقل عنه في رسالته التي أرسلها إلى الخليفة أبي جعفر المنصور حين لامه بتقديم القياس على الحديث.