وإذا كان الأمن الداخلي هو عمود الاستقرار، ومحور السلام والنظام. فإن النظام الاقتصادي الصحيح هو عمود الرخاء ورفع مستوى المواطنين وتوفير العيش والحياة الكريمة لهم. ولم يترك الإسلام أمر ذلك للحرية المطلقة لتتحول الحياة الاقتصادية إلى مضاربات ومراهنات، وإلى مقامرة أو مغامرة بل حرم الربا والمراهنة أو المقامرة وحرم الغش والخداع. وأعطى التشريع الإسلامي للمشتري الحقوق التي تكفل له الرجوع على البائع عندما يخدعه أو يغشه. "فالبيعان بالخيار ما لم يتفرقا". فإذا تفرقا لا ينتهي الأمر بهذا التفرق بل لكل منهما حق الرد بالعيب إذا ظهر في العين المشتراة عيب لم يعلنه البائع للمشتري، أو حدث منه تدليس. وكذا للبائع رد الثمن إذا ظهر أن النقد الذي قبضه مزيف أو فيه عيب من العيوب.
وبهذه القواعد، وبهذا التحذير الرهيب، الذي يهدد بطرد "من غشنا"من جماعة المسلمين يتحتم على كل من يعمل في حقل التجارة أن يكون أمينا في معاملاته، صادق النية في أخذه وعطائه. والتاجر الذي يخدع أخاه، إنما يخدع نفسه، لأن دولة الباطل لا تدوم، وثوب الخداع يشف عما تحته. والقرآن الكريم يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . الأنفال، الآية 27.
وأذكر أن الأستاذ الشيخ مصطفى عبد الرزاق شيخ الأزهر الأسبق وقف يتكلم في احتفال عام ولكن بعض الحمقى حاول إفساد نظام الحفل. فإذا به يتنمر ويقول ما خلاصته:
إن الله سبحانه وتعالى أقام عالمه على أساس النظام فالشمس تجري لمستقر لها محسوب ومقدور، والقمر قدرناه منازل، فلا الليل يسبق النهار ولا يحدث العكس. ولو اضطرب أمر النظام ولو بأقل من شعرة لاضطراب أمر العالم. فالنظام سر الكون وهو عمود الحياة وقوام الوجود ولولاه لأصبحت الحياة فوضى لإقرار فيها.