يرد الرسول الكريم –عليه الصلاة والسلام- على هذا السؤال فيقول:
"فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا. وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً".
والواقع أن بعض المفلسين لا يضره أن يحترق السوق بما فيه لأنه لن يبيع ولن يشتري، ومثله بعض المأفونين الذي لا يضره صلح المجتمع أم فسد، وإنما يردد: علي وعلى أعدائي.
وإذا كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- قد عالج في الحديث السابق قضية الفوضى ووضع حدا للحرية. فهو في حديث آخر يسجل أسس النظام، وقواعد المعاملة في إطار المجتمع. ويسجل أن الإسلام دين الأمن والأمان، وشرعه النظام والوئام. يروي مسلم في صحيحة عن أبي هريرة:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حمل علينا السلاح فليس منا. ومن غشنا فليس منا".
وفي الشطر الأول من الحديث إقرار لأمن الجماعة وحماية لاستقرارها، ودعوة صريحة لاحترام النظام القائم ولتقديس الأمن الداخلي للأمة، لأن محاولة الخروج عليه فتنة لا تأتي إلا بالدمار والهلاك. فما دامت الحياة ماضية على سنن الإسلام وهدي القرآن، وراية الدين عالية ودستور القرآن منفذ، والأحكام الشرعية سارية يتحتم علينا أن نقف إلى جوار هذا الأمن عاملين على تدعيمه ليكون شوكة في ظهور العصاة وحربا على المجرمين، ولتكون له القدرة في الدفاع عن الحدود والوقوف في وجه أعداء الدين والإسلام.
ولقد أنذر الرسول –صلوات الله وسلامه عليه- كل من يخرج على هذا الأمن بأنه ليس منا وليس في جماعة المسلمين. لأن الإسلام دين سلام ونظام لا يرضى بالفوضى ولا يقبل العبث وإنما يدعو أعوانه إلى الحب والإخاء والمودة والتصافح والتعاون لا إلى التناحر أو الخلاف.
وأما تدعيم الإسلام لنظام المعاملة ولإرساء قواعد الأخذ والعطاء. فقد تحدث عنه الحديث في الشطر الثاني حيث يقول: "ومن غشنا فليس منا".