وروى أيضا بإسناد عن أبي عقيل صاحب بهية، قال: "كنت جالسا عند القاسم بن عبيد الله، ويحيى بن سعيد، فقال يحيى للقاسم: "يا أبا محمد إنه قبيح على مثلك عظيم أن تسأل عن شيء من أمر هذا الدين، فلا يوجد عندك منه علم، ولا فرج، أو علم، ولا مخرج"، فقال القاسم: "عم ذاك؟ "
قال: "لأنك ابن إمامي هدى ابن أبي بكر، وعمر"، قال: يقول له القاسم: "أقبح من ذلك عني من عقل عن الله، أن أقول بغير علم، أو آخذ عن غير ثقة"قال: فسكت فما أجابه" [15] .
قلت: لنأسف جدا على هذه الكارثة العظمى، والمصيبة الكبرى التي حلت بالعالم الإسلامي وهي عدم الاعتداد بشخصيته الإسلامية التي عُرف بها في الماضي المجيد بالعلم والنباهة، وتيسير أمور العالم بأكمله بما عنده من النور الإلهي، والوحي السماوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. فتلجأ هذه الأمة في هذا العصر إلى الغرب حتى في العلوم الدينية، وتتذلل أمامه على مائدة الخنزير، إنها جريمة خلقية في حق الإسلام لا تغتفر لها أبدا، مع العلم أن مناهجه قد وضعت على أساس أن لا تبقى هذه الأمة على صلابتها وإيمانها، وقوتها، وروحها، ونقاوتها بل تنجرف مع الروح العلمانية التي يعيش فيها الغرب أو الشرق، ومن لف لفهم.
فإلى متى تبقى هذه الأمة عالة على الغرب مع وجود منهج سامق عالمي لديها تستطيع أن تقف به موقفا عظيما شامخا أمام تحديات الإلحاد؟
وإلى متى تعيش هذه الأمة في نظريات منحرفة، وفلسفات مادية لا تتفق مع فطرتها السليمة، وطبيعتها الأصيلة، وعقيدتها الراسخة؟
اللهم يا ولي الإسلام والمسلمين ألهمنا مراشد أمورنا، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، أنت ولي ذلك والقادر عليهن وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.