قلت: لا تثبت نسبة الشعر إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رحمه الله تعالى عن طريق الواقدي، فإذا كان هناك إسناد آخر صحيح فلا مانع من قبوله إياه ثم تأويله إلى أنه شعر كشعر حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه، كما قال عنه ابن عبد البر: "وكان شاعرا مجيدا محسنا"، ولا يمنعني شيء من عدم قبول روايات الواقدي كلها، فإذا كان عند المستشرق إسناد آخر فليأت به حتى اسبره، وانقده، ولعل هذا محال إن شاء الله تعالى، فإذا عرفت هذا فاعلم علم اليقين أن كتاب المستشرق الألماني المذكور كله مملوء بهذه الحكايات المكذوبة، والروايات المصطنعة والتي لا يثبت سندها أبدا، ولم يقصد من كتابة هذا إلا الطعن والرمي بالانحراف والزيغ لشخصية مباركة إسلامية عظيمة، عرفت بالتقوى والزهد، والعدالة والورع، ولا يخفى عليك أيها المسلم، أنه أراد بهذه الكتابة أن يسقط عدالة هذا التابعي الإمام الذي اعتمد عليه الأئمة الستة وغيرهم ف كتبهم فأخرجوا له جملة كبيرة من الأحاديث في الأحكام والعقائد ونحو ذلك، ولم يكن عمل هؤلاء منحصرا في كتاباتهم التي اطلعت على بعض أجزائها، إنما أسسوا جامعات كبيرة، ومتاحف أثرية لهذا الغرض، واهتموا أشد الاهتمام بدراسات إسلامية أكثر مما اهتموا بالدراسات الأخرى، وخططوا مناهج موبوءة وجبلوا إليها من جبلوا من ضعاف العقول، وبسطاء الضمير من أولاد هذه الأمة المرحومة لكي يخدموهم فيما أرادوه من الباطل والوقيعة، وهذا والله من أشنع الأسلحة الفتاكة التي يستعملها الأعداء في تشويه حقائق هذه الشريعة الصافية النقية.
قال محمد بن سيرين أحد أئمة التابعين الكبار فيما روى عنه مسلم في مقدمة صحيحه بإسناد قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" [14] .