ولاشك أن لهذه الأحاديث الموضوعة والخرافات المصنوعة أثر سلبي على الأمة التي تدين بالإسلام, ولكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فيها وزنه وقيمته، فنتيجة لهذا وأشباهه ترك كثير من الناس الدنيا والاشتغال بها, فعطلت بذلك المنافع وانقطعت بعض سبل المعيشة فعاش الشعب المسلم في فقر مدقع ومسغبة مهلكة, وخاصة في العصور المتأخرة, التي واكبها التطور الفكري في الأمم الغربية, تلك الأمم التي هجمت على المسلمين فوجدتهم لقمة سائغة, فهجموا عليهم واستذلوهم وأخرجوا خيرات أرضيهم ونقلوها إلى بلادهم وهم ينظرون، علاوة على ما تركوه نتيجة التنصير والاستعمار من مخلفات في القلوب والعقول, تركت آثارها في الجيل الجديد, فقلب لدينه ظهر المجن على ما سنبينه في الفقرة التالية.
الفصل الرابع: الآثار النفسية
لقد خفف الوضع وزن الحديث الثابت في النفوس وأزال مقداره وهيبته عن بعض القلوب, فبعد أن كان لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم وزنه وقيمته في قلوب العامة قبل الخاصة, أصبح عند البعض كلاماً عادياً, فلقد وصل الوضع إلى درجة مزرية من حيث السخافة والمجون واستعمل كأداة في تفضيل بعض البقاع على بعض, واستعمل كمروّج ومسير للبضائع, فبائع البطيخ يهذي عن الرسول بما لايدري, وبائع الهريسة كذلك, وعلى هذا فقس صاحب العدس والفول!! وكل هؤلاء جميعاً يروون عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله أنى يؤفكون, بل يروونه بسند متصل عن فلان عن علان عن الرسول, وإذا سمعتهم العامة صدقتهم في ذلك ورووه لأبنائهم بما فيه من رزايا وبلايا, فينعكس أثره على نفسياتهم لما فيه من سخافات تستهجنها النفوس.