في هذا الخضم الهائل من الأفكار الدخيلة على التصور الإسلامي للحياة، وفي تلك الأجواء المكفهرة التي واكبها انفتاح المسلمين على الدنيا حين فتح الله لهم أرجاء المعمورة وأظهر لهم كنوز الأرض المطمورة, فانشغل بعضهم في العمل والإنتاج كليا وانصرفوا عن العبادة وانشغلوا عنها مما حدى ببعض الصالحين إلى كبح جماح النفوس, وكسر حدة شهواتها, ولما كان جاهلاً بنظرة الدين الإسلامي للحياة, أخذ يترجم ما في نفسه ويلصقه على الرسول صلى الله عليه وسلم زوراً وبهتاناً, فذموا الدنيا وزينوا للناس الفقر وذموا العمل والإنتاج, وجعلوا كل ذلك باسم الدين, ولما كان الإنتاج في المجتمع الإسلامي قائماً على الزراعة والتجارة في الغالب, قالوا في حديث مكذوب "شرار الناس التجار والزرّاع" (?) وفي رواية موضوعة: "شرار أمتي التجار والزرّاع" (?) .

أما الفقر فحدث عن مدحه ولا حرج لقد جعلوه فخراً للرسول, فتقولوا عليه صلى الله عليه وسلم: "الفقر فخري وبه افتخر" (?) مع أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ منه, وجعله قريناً للكفر في حديث صحيح حين قال: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر" (?) بل جعلوا الفقراء هم جلساء الله يوم القيامة (?) , وقالوا: "إنما سمي الدرهم لأنه دار هَمّ, وإنما سمي الدينار لأنه دار نار" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015