فالفعل أبى من باب فَعَلَ يفعَل مفتوح العين في الماضي والمضارع، وكل ماكانت عينه مفتوحة في الماضي والمضارع، فهو حلقي العين أو اللام. وماجاء منه بدون حرف حلقي فشاذ، ومنه أبى يأبى والأصل كسر العين في الماضي، ولكنَّهم قلبوه فتحة تخفيفًا. وهذا معنى كلام سيبويه المتقدّم.
ويقول ابن جنِّي: " فأمَّا قولهم: أبيت تِئْبى فإنَّما كسر أوّل مضارعه وعين ماضيه مفتوحة من قبل أنَّ المضارع لما أتى على يفعَل بفتح العين صار كأنَّ ماضيه مكسور العين حتَّى كأنَّه أَبِيَ ... " (?) .
وفسر ذلك أبوحيان بأنَّه " يمكن أن يكون من باب الاستغناء بمضارعه عن مضارع المفتوح العين في الماضي " (?) .
ومن هذا نلحظ أمرين:
أوّلهما: كسر حرف المضارعة فيه مع أنَّه ليس من باب فعِل يفعَل وذلك لمجيء مضارعه مجيءَ ما ماضيه مكسور.
والآخر: أنَّه بتقدير ان يكون من باب فعِل فحقُّه ألاَّ تكسر الياء فيه، إلاَّ أنَّهم لما خالفوا به في كونه مفتوحًا وكان حقُّه أن يكسر لأجل فتح مضارعه خالفوا به في كسر يائه أيضًا؛ تشبيهًا له بـ وَجِل ييجل.
ولم يذكر العلماء الأقدمون غير هذا الفعل إلى أن جاء اللبلي فذكر فعلاً آخر معه، هو اِحب يقول مشيراً إلى الفعل أبي: " هذا الحرف استثناه النحويون من الباب فقط، ولم أر أحداً استثنى شيئاً سواه، مع طول بحثي عن ذلك، ووجدت أنا آخر، وهو: حَبَبت الرجل إِحبُّهُ ـ بكسر الهمزة ـ حكاه الإمام أبو عبد الله محمد بن أبان بن سَيِّد القرطبيُّ في كتابه المسمى بالسماء والعالم" (?) .
ومن الأشياء الشَّاذَّة أفعال ورد فيها كسر حرف المضارعة وليست منطبقة عليها قواعد الكسر مثل: تِذْهب، تلحن، وإضرب.