وهذا النَّوع من الأفعال ممَّا ورد فيه كسر المضارع. قال سيبويه ـ بعد بيان كسر حرف المضارعة فيما أوله همزة وصل: "وكذلك كل شيء من تفعّلت أو تفاعلت أو تَفَعْلَلْت يجري هذا المجرى، لأنَّه كان عندهم في الأصل ممَّا ينبغي أن تكون أوّلَهُ ألفٌ موصولة؛ لأنَّ معناه معنى الانفعال، وهو بمنزلة انفتح وانطلق، ولكنّهم لم يستعملوه استخفافًا في هذا القبيل ... " (?) .
وقال الرَّضيُّ: "ثمَّ شبَّهوا مافي أوّله تاء زائدة من ذوات الزّوائد، نحو تَكَلَّمَ وَتَغافَلَ وتَدَحْرَجَ بباب انفعل، لكون ذي التاء مطاوعًا في الأغلب كما أنَّ انفعل كذلك، فتفعَّلَ وتَفاعَلَ وتَفَعْلَلَ مطاوع فعَّلَ وفَاعَلَ وفَعْلَلَ، فكسروا غير الياء من حروف مضارعاتها، فكلُّ ماأوّل ماضيه همزة وصل مكسورة أو تاء زائدة يجوز فيه ذلك" (?) .
ومن هنا يتضح أنَّ ما كان مبدوءًا بتاء زائدة معتادة صحَّ فيه كسر حرف المضارعة، مع أنَّ التاء غير مكسورة تشبيهًا لتلك الأفعال بما في أوّله همزة وصل من حيث إنَّها في الأغلب تكون مطاوعة.
4 ما جاء على وجه شاذ:
وردت بعض النّصوص مشيرة إلى كسر حرف المضارعة في أفعال لا تندرج تحت القواعد المتقدمة. من ذلك:
جاء في أبى تِئْبَى قال سيبويه: "وقالوا: أبى فأنت تِئْبَى، وهو يِئْبَى، وذلك أنَّه من الحروف التي يستعمل يفعل فيها مفتوحًا وأخواتها، وليس القياس أن تفتح، وإنَّما هو حرف شاذ، فلمَّا جاء مجيء ما فَعَلَ منه مكسور فعلوا به مافعلوا بذلك، وكسروا في الياء فقالوا: يئْبَى، وخالفوا به في هذا الباب فعِل كما خالفوا به بابه حين فتحوا ... " (?) .