فالمشهور أنَّ مثل هذه الأفعال لايكسر فيها حرف المضارعة مطلقًا، نصَّ على ذلك سيبويه فقال: "ولايكسر في هذا الباب شيءٌ كان ثانيه مفتوحًا، نحو ضرب، وذهب وأشباههما " (?) .
إلاَّ أنَّ الكسائي حكى أنَّه سمع بعض بني دُبَيْرٍ يقول: أنت تِلحن وتِذهب (?) .
وهذا شيءٌ مخالف لما نقله العلماء من قواعد، فلا يتعدى به محلّه.
وحكى اللحياني عن الكسائي أن ذلك في التاء والنون والألف من كل فعلٍ كان على يفعَل بفتح الماضي والمستقبل معاً وأنشد:
ذروني إذهبْ في البلاد وريقتي ... تسوغ وحلقي لين ولساني
لكسر الهمزة في إذهب (?) .
ويأتي من هذا الشذوذ نفرغ في قراءة عيسى الثقفي (?) {سنفرغ لكم} (?) بكسر النون وفتح الراء. فالفعل فرغ يفرغ ويفرغ ومع ذلك كسرت النون.
ومثله {وإنصح} لكم بكسر الهمزة، وذلك ورد في قراءة يحيى بن وثاب وطلحة، لقول الله تعالى {أبلغكم رسالات ربي وإنصح لكم} (?) .
والفعل نصح ينصح بالفتح في الماضي والمضارع ومع ذلك كسر حرف المضارعة منه.
وشذ أيضا ما ورد في أفعال من باب فعل يفعل إذ ورد على ذلك قراءة زيد بن علي ويحيى بن وثاب وعبيد بن عمير الليثي: {نِعبد} بكسر النّون (?) وهذا من أشدّ أنواع الشّذوذ في هذا الباب إذ الماضي منه مفتوح العين والمضارع مضموم.