"اعلم أن هذه تدل على أن موسى عليه السلام راعى أنواعاً كثيرة من الأدب واللطف عندما أراد أن يتعلم من الخضر، فأحدها أنه جعل نفسه تابعاً له لأنه قال {هَلْ أَتَّبِعُكَ} ، وثانيها أنه استأذن في إثبات هذه التبعية، فإنه قال هل تأذن لي أن أجعل نفسي تبعاً لك وهذا مبالغة عظيمة في التواضع".
وقال الإمام ابن القيم: "كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يلطف لابن عباس في السؤال، فيعزه بالعلم عزاً".
وقال ابن جريج: "لم أستخرج العلم الذي استخرجت من عطاء إلا برفقي به". ويرى بدر الدين بن جماعة أن على المتعلم: "أن يحسن خطابه مع الشيخ بقدر الامكان، ولا يقول له لم؟ ولا نسلم، ولا من نقل هذا؟ وأين موضعه؟ وشبه ذلك، فإن أراد استفادته تلطف في الوصول إلى ذلك".
(4) - السؤال عن العلم النافع
والعلم النافع هو العلم الذي يهدي إلى الحق والخير والصواب والهدى، "فكل علم يكون فيه علم وهداية لطريق الخير، وتحذير عن طريق الشر أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضاراً أو ليس فيه فائدة".
وينبغي للمتعلم ألا يسأل عما لا فائدة عملية أو مصلحة حقيقية ترجى من ورائه لأن ذلك لا يعود عليه بفائدة في دينه أو دنياه، وقد ذكر القرآن أنواعاً من الأسئلة بعضها عن المشركين، مثل: السؤال عن الساعة، وبعضها عن اليهود مثل: السؤال عن الروح وهي أسئلة لا ثمرة لها، لذلك كان الجواب أن ذلك من أمر الله ولا يعلمه سواه.
قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} (?) .
وقال تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (?) .
(5) - التريث وعدم الاستعجال في السؤال