وقد وجه القرآن الكريم المتعلمين إلى الحرص على السؤال والتعلم حتى لو كان من يتعلم منه أقل فضلاً ممن يتعلم، فنبي الله موسى عليه السلام كان حريصاً على التعلم من الخضر مع كونه أفضل من الخضر، قال تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (?) قال الإمام الرازي: "إن موسى عليه السلام مع كثرة علمه وعمله وعلو منصبه واستجماع موجبات الشرف التام في حقه، ذهب إلى الخضر لطلب العلم وتواضع له". وقال الإمام الشوكاني: "في الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب، وليس في ذلك ما يدل على أن الخضر أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى علم الأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها، وكان علم الخضر علم بعض الغيوب ومعرفة البواطن". وقال الشيخ السعدي: "ومن فوائد الآية: تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى بلا شك أفضل من الخضر". وقال: "كان موسى أعلم من الخضر بأكثر الأشياء، وخصوصاً في العلوم الإيمانية والأصولية، لأنه من أولي العزم من المرسلين الذين فضلهم الله على سائر الخلق بالعلم والعمل وغير ذلك".
(3) - التلطف في السؤال
ومن آداب المتعلم التلطف والتواضع والاستئذان عند سؤال المعلم، وقد كان نبي الله موسى في غاية التلطف عند سؤال الخضر في اتباعه والتعلم منه، قال تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (?) .قال الإمام الشوكاني في تفسير الآية: "في هذا السؤال ملاطفة ومبالغة في حسن الأدب، لأنه استأذنه أن يكون تابعاً له على أن يعلمه مما علمه الله من العلم".
وفي الآداب التي اشتملتها الآية يقول الإمام الرازي: