وهو من الآداب الضرورية والهامة للمتعلم، إذ كثيراً ما تأتي اعتراضات المتعلمين ومناقشاتهم وسؤالاتهم نتيجة التعجل وعدم التثبت، أو عدم فهم مراد المعلم وقصده، قال تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} (?) قال القاضي أبو السعود في تفسير الآية: "قوله تعالى: {فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} تشاهده من أفعالي أي لا تفاتحني بالسؤال عن حكمته فضلاً عن المناقشة والاعتراض {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} أي حتى أبتدأ ببيانه، وفيه إيذان بأن كل ما صدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة، وهذا من أدب المتعلم مع العالم".
ويقول الشيخ السعدي: "من فوائد الآية: التأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرف ما هو المراد منه وما هو المقصود".
(6) - حسن السؤال
وقد سبق أن ذكرنا قول بعض السلف أن حسن السؤال نصف العلم، وقول ابن القيم: "إن أول مراتب العلم حسن السؤال، وإن من الناس من يحرم العلم لعدم حسن سؤاله".
وقد دعا القرآن الكريم إلى حسن السؤال والبعد عن الأسئلة السيئة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} (?) وقد ذكر العلماء عديداً من صور السؤال المجانبة لحسن المسألة، والتي منها ما يلي:
(أ) - السؤال عما لا يعني السائل.
(ب) - المسائل التي نزلت فيها قول الله عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .