هذا بعض ما فهمه العلماء من قول الله عز وجلَّ عن الكاتب بأن يكتب كما علمه الله تعالى، وهذا يفيد أنَّه لا يجوز أن يتولى هذه الولاية والٍ جاهل بشروطها وأركانها وواجباتها، لهذا جعل العلماء وولاة الأمر في القديم والحديث شروطاً واجبة وشروطاً مستحبة لكل من تقدم لشغل هذه الولاية الشريفة الجليلة.
ولا يستغني عن كُتّاب العدل وولاة التوثيق أحد، خاصة في عصرنا الحاضر الذي شاعت فيه المعاملات التجارية، وكثرت العقود بشتى أنواعها، وتشابكت المصالح بين الأفراد والدول والحكومات تشابكا قوياً لا يمكن أن تقوم المصالح المناطة بهذه المعاملات على سنن العدل إلا بإدارات كتابات العدل.
يقول الشيخ محمد عبده:
"إن كاتب العقود والوثائق بمنزلة المحكمة الفاصلة بين الناس، وليس كل من يخط بالقلم أهلاً لذلك، إنما أهله من يصح أن يكون قاضيَ العدل والإنصاف"، وقال عن وجوب نصب كتاب العدل في معرض شرحه للآية السابقة: "فهذا إرشاد للمسلمين إلى أنَّه ينبغي أن يكون منهم هذا الصنف من الكتاب، فهذه قاعدة شرعية لإيجاد المقتدرين على كتابة العقود، وهم ما يسمون اليوم "بالعقود الرسمية" يتحتم ذلك على هذا القول بأن الكتابة واجبة وعليه العمل الآن فإن للعقود الرسمية كتاباً يختصون بها" [39] .
المطلب الثاني: مشروعيته من السنة المطهرة: