"فإذا تقرر ما ذكر من الهرب من المناصب فمن آكدها الهرب من العدالة، والتشوف إليها، إذ أن الخطر فيها أعظم مما تقدم في القضاء، إذ إن القاضي ليس له أمر ولا نهي في الغالب إلا بشهاداتهم فكأنه أسيرهم، لأنه بحسب ما قالوه حكم، فهم الباعثون له على الحكم" [33] .
ومن خلال كلام ابن خلدون السابق يمكن أن نخرج بالنتائج التالية:
1- أن ولاية العدالة ولاية منفردة عن القضاء، ومن اختصاصات القضاة أو قاضي الجماعة الإشراف عليهم وتسمى في المغرب الإسلامي "بخطة عقد الشروط" [34] ، أو "خطة العدالة".
2- أن وظيفة العدل القيام بدلاً عن القاضي بضبط شهادات الخصوم في السجلات، وكتابة الحقوق، وإصدار الصكوك والحجج الشرعية الخاصة بالديون والأملاك وغير ذلك.
3- لابدَّ أن يكون المتولي لها عالماً بعلم الفقه والشروط والسجلات وأحكامها الشرعية، وأن يمارس هذه المهنة ويتمرن عليها حتى يحذقها.
4- يجب على القاضي تصفح أحوال هؤلاء الشروطيين والعدول والكشف عن سيرهم وأحوالهم.
5- أن اتساع الأمصار واشتباه الأحوال، وانشغال القضاة سبب من أسباب وجود هذه الولاية الشرعية.
6- العدول: الشرطيون يجلسون في عصر المماليك في دكاكين خاصة بهم ويحصلون على إجازات وتصريح بالعمل في هذه المهنة الشرعية الجليلة من قبل رئيس القضاة في عصرهم.
7- أن الفرق شاسع بين مهنة العدول وهم الشروطيون، والعدول الآخرون الذين يشهدون على الناس من جهة العدالة وضدها -"أخت الجرح"- كما وصفهم بذاك الإمام ابن خلدون.
المبحث السادس
مشروعية تعيين ولاة التوثيق، وكتاب الوثائق الشرعية
لقد ثبتت مشروعية تعين ولاة التوثيق وكتاب الوثائق الشرعية بأدلة الكتاب والسنة القولية والفعلية، والإجماع والمعقول.
المطلب الأول: مشروعيته من الكتاب الكريم: