والوثيقة هي: "الورقة التي يكتب فيها الموثق، وسميت هذه الورقة وثيقة لأن مادة "وثق"تنبئ عن الربط، فهي شريط كل من المتعاقدين بما التزم به".
والوثيقة الشرعية هي: "الورقة التي يدون فيها ما يصدر من شخص أو أكثر من التصرفات أو الالتزامات أو الإسقاطات أو نحو ذلك، على وجه يجعله منطبقاً على القواعد الشرعية، ومستوفياً لجميع الشروط التي اشترطها الفقهاء لجعل هذا المدون صحيحاً بعيداً عن الفساد" [26] .
ويسمى الفقهاء علم التوثيق بعلم الشروط والمحاضر والسجلات، وفيه كتب كثيرة مؤلفة عند كل المذاهب الإسلامية قديماً وحديثاً.
المبحث الخامس
تعريف ولاية التوثيق "العدالة"وذكر بعض أحكامها
عرفت ولاية التوثيق عند علماء المغاربة باسم "خطة العدالة"وهذا الاسم ليس مقصوراً عليهم بل هو عندهم أشهر، فلقد عرف الشهود باسم "العدول"منذ عصر متقدم من هذا ما روي عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب قوله:
"والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول" [27] .
وقد عرفها بصورة شاملة جامعة الإمام ابن خلدون في مقدمته، وعنه نقل كل من جاء بعده كابن الأزرق في بدائع السلك في طبائع الملك، وغيره من المعاصرين، قال الإمام ابن خلدون عنها [28] :
"العدالة: وظيفة رئيسية تابعة للقضاء ومن مواد تصريفه، وحقيقة هذه الوظيفة القيام عن إذن القاضي بالشهادة بين الناس فيما لهم وعليهم، تحملاً عند الإشهاد، وأداء عند التنازع، وكتباً في السجلات، تحفظ به حقوق الناس، وأملاكهم، وديونهم، وسائر معاملاتهم"وهذا التعريف يُلاحَظُ فيه نوعٌٍ من الخلط بين ولاية العدالة، ووظيفة العدول "المزكين"في القديم وفي عصره، ولكنه عند ذكر مهامهم الوظيفية يوضح بجلاء الصورة الحقيقية لولاية العدالة في عصره فقال عن طبيعة وظائفهم: