وقد يباشر القاضي أو قاضي الجهة الإشراف على الوثائق، فقد ذكر ابن حارث في "قضاة قرطبة"في ترجمة أحمد بن بقي بن مخلد "أنه كان يتعقب كتاب الوثائق، وكان حسن الانتقاء والفطنة في الوثائق، وكان لا يوقع شهادته في وثيقة حتى يقرأ جميعها، من أولها إلى آخرها، وكان بصيراً على ذلك، وإن كان قائماً على قدميه" [21] . وهذا يدل على أن الوثائق في الغالب خاصة الوثائق التي تصدر من المحاكم الشرعية لا يكتبها إلا العدول، ولابدَّ من تصديق القاضي عليها، وأن القاضي هو المرجع الأعلى لكتاب العدل، وأنه يتعقب أعمالهم ومدى مطابقتها للشرع المطهر، وانضمام مجموعة من الولايات بعضها إلى بعض مذهب معروف مشتهر في التاريخ الإسلامي.
"فهذا أبو جعفر المنصور يضم إلى قاضيه سوار بن عبد الله القاضي ولاية الصلاة والشرطة مع القضاء، وقبله كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ينظر في أمور بيت المال والقضاء بولاية من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان عبد الله بن الحسن القاضي في زمن عمر وعثمان ينظر في الصدقة، ومرم الأنهار، ومشاكل المياه، وذكر الكندي أن سليم بن عتر قاضي مصر المشهور جمع له القضاء مع الشرطة، وأن الحسين بن علي بن النعمان فوض له الحاكم الإشراف على دار الضرب والدعوة والقضاء، وذكر وكيع أن عبد الرحمن بن زيد بن حارثة الأنصاري كان قاضيَ المدينة وواليها في عصره، بل قد يصل القاضي إلى درجة الوزارة، فذكر النباهي أن ابن ذكوان قد ولي الوزارة مجموعة إلى قضاء القضاة" [22] .