"من الولايات ما لا يفيد أهلية شيء من الأحكام، ومنها ما يفيد أهلية الأحكام كلها، ومنها ما يفيد أهلية بعض الأحكام، ومنها ما يحتملها من حيث الجملة، ثم الولاية لها طرفان وواسطة، فأعلاها الخلافة التي هي الإمامة الكبرى، وأدناها التحكيم الذي يكون بين المتنازعين، وبين هذين الطرفين وسائط كثيرة" [18] ، ثم سرد الولايات الشرعية وأنواعها وأحكامها، وقال عن الولاية الجزئية المستفادة من القضاة وغيرهم -ككتاب الوثائق، ومأذوني الأنكحة، وغيرهم، وجعلهم في الرتبة العاشرة من الولايات الشرعية- ما نصه:
"الولاية الجزئية المستفادة من القضاة وغيرهم كمن يتعاطى العقود والفسوخ في الأنكحة فقط، أو النظر في شفاعات الأيتام أو عقودهم فقط، فيفوض إليه في ذلك النقض والإبرام على ما يراه من الأوضاع الشرعية، فهذه الولاية شعبة من ولاية القضاء، وله إنشاء الأحكام في غير المجمع عليه، وذلك كله فيما وليه فقط، وماعداه لا ينفذ له في حكم البتة" [19] .
أما إذا عُدَّت ولاية التوثيق خطة مستقلة، وولاية منفصلة، كما في بعض العصور الإسلامية الماضية، كما هو الحال في عصرنا، فيُعدُّ الموثق نائباً عن القاضي، وقال القرافي عن نواب القضاة وهم في المرتبة الثانية ضمن درجات الولايات الشرعية، ما نصه:
"نواب القضاة في كل عمل من أعمالهم ومطلقاتهم، مساوون للقضاة الأصول، في أن لهم إنشاء الحكم في غير المجمع عليه، وتنفيذ المجمع عليه، إذا قامت الحجاج، وتعينت الأسباب، وولايتهم مساوية لمنصب الحكم من غير زيادة ونقصان، غير أن الفرق بقلة العمل وكثرته من جهة كثرة الأقطار وقلتها" [20] .