كانت كتابة الوثائق في كثير من الدول الإسلامية الماضية عملاً رسمياً من أعمال الدولة، بل ولاية من ولاياتها، وخطة من خططها كبقية الولايات الإسلامية، لهذا أفردها في أبواب مستقلة كخطة من الخطط الإسلامية الإمام ابن الأزرق وابن خلدون في كتبهما تحت مسمى (خطة العدالة) ، وفي كتاب الصلة لابن بشكوال في ترجمة (أحمد بن محمد الأموي) قال عن بعض ولاياته الرسمية: "وتولى عقد الوثائق لمحمد المهدي أيام تولية الملك بقرطبة" [15] .

وقال ابن بشكوال في ترجمة الحسين بن حي التجيبي: "ولي خطة الوثائق السلطانية في صدر دولة المظفر عبد الملك بن عامر" [16] .

والخطة الولاية الكاملة؛ بل إن التجيبي بعد ولايته لخطة الوثائق السلطانية تولى القضاء في عدد من مدن الأندلس كباجة ومدينة سالم وجيان وغيرها.

وفي الغالب لا يتولى هذه الخطة الشريفة إلا من برع في فقهها، فها هو الإمام أحمد بن محمد بن عفيف بن عبد الله الأموي، -الماضي ذكره- يقول عنه ابن بشكوال: "وعني بالفقه، وعقد الوثائق والشروط فحذقها، وشهر بتبريزه فيها" [17] ، فلما فاق المعاصرين من أقرانه كان جديراً بأن يتولى هذه الولاية العظيمة التي عرف أسرارها، وأجاد فقهها، وحذق فنونها.

وقد فصل القول الإمام القرافي في حديثه عن الولايات الشرعية وأحكامها وما تفيده كل ولاية وهذا بعض ما قاله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015