3- وجوب توطين النفس على المشاق والمتاعب لصقل موهبتها، وإصلاح رعونتها، وتوسيع مداركها، وإثراء خبرتها لإستقبال ما يوكل إليها في المستقبل من الأعمال الشاقة، وتمثل حياة الملك الإمام عبد العزيز -رحمه الله - ملحمة رائعة لزعيم تهيأ تحت مطارق الشدة والابتلاء، لبعث أمة خامدة، خبر عللها، وسبر غورها، وألم بمشكلاتها وتلظى بآلامها، مما مكنه الله تعالى، من تحقيق حلمه الرشيد وأمله السديد، رغم شدة الصوارف، وكلبة الأعداء، وقلة الأعوان، وندرة الوسائل المادية الأخرى.
4- لا ريب أن الاحتكاك بأهل الخبرة والتجربة، تحقق للمرء سعة في الأفق وبسطة في العقل وتوسعاً في الفهم، يصعب نيله في قمقم العزلة وزاوية الانطواء، وقد أتيح للملك الإمام عبد العزيز -رحمه الله- صحبة والده الإمام عبد الرحمن -رحمه الله - الذي عرف عنه رجاحة الرأي، والخبرة بأحوال الجزيرة وأهلها مع وفرة العقل والدين، فاكتسب منه وعلى عينه الخلال الحميدة والصفات القيادية السديدة، وفي أثناء إقامته بالكويت، بجانب أميرها الشيخ مبارك الصباح -رحمه الله - لازم جليساً نابهاً، وأنيساً فطناً، وسميراً بارعاً، تعرف بواسطته على مجريات السياسة الدولية وأطلع على مجريات الصراع بينها، مما جعله يحدد وجهته، وسط هذا الصراع المحتدم، والتعامل معه ببراعة وذكاء، سخره لخدمة دينه وبلاده وشعبه.