يعد الاتصال بآحاد الناس مطلباً ضرورياً، لكل من رام النجاح الدعوي والتأثير الأممي، حيث يتيح ذلك توسعاً أفقياً غير محدود، ويغطي ما قد يكون قصوراً وضعفاً في الوسائل الأخرى، وتحقيق طموحات الدعاة التي قد لا تسع أعمارهم، ولما كان الملك الإمام عبد العزيز - رحمه الله - بصدد وحدة كبرى، لم يدع وسيلة نافعة، لتحقيق هدفه المنشود إلا استخدمها، مراعياً الوسيلة المناسبة في الوقت المناسب، فكان -رحمه الله - حريصاً على الاتصال بآحاد الناس، وجمهور الأمة وحثهم على لزوم الوحدة ونبذ الفرقة وتحقيق العدالة، فعمل على إخراج البلاغات الدعوية لفئة من الناس التي لا يتسنى للملك الإمام اللقاء بهم مباشرة، وذلك من خلال منشورات توزع على الناس أو تعلق في الأماكن العامة، أو تنشر في الصحف الرسمية، أما إذا أتيحت له الفرصة في اللقاءات العامة فإنه لا يدع الفرصة تمر إلا اهتبلها لعرض منهجه الوحدوي ومسلكه الوطني نحو الوحدة، ولا يسعني في هذا المقام استعراض تلك البلاغات والخطب وأكتفي بإيراد نموذج واحد منها يفي بالمقصود -إن شاء الله-. ففي بلاغ علق في المسجد النبوي ورد فيه ما يلي:-
"من عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود إلى شعب الجزيرة العربية على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلماً وقع عليه، أن يتقدم إلينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا. وعلى كل موظف بالبريد أو البرق، أن يتقبل الشكاوي من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي أو أحفادي أو أهل بيتي، وليعلم كل موظف، يحاول أن يثني أحد أفراد الرعية، عن تقديم شكواه مهما تكن قيمتها، أو يحاول التأثير عليه، ليخفف من لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب الشديد.