لقد علم الملك عبد العزيز أن هذه البلاد هي موطن التوحيد الأول وأن أعظم عمل حققه الرسول صلى الله عليه وسلم هو التمكين لعقيدة التوحيد والقضاء على الشرك بالقول والعمل، وأدرك ـ رحمه الله ـ أن الله ـ تعالى ـ يهيئ لدعوة التوحيد رجالاً يصلحون ما فسد من أمور العقيدة ويصححون المفاهيم الخاطئة حول ذلك، وعلم أن الدعوة الإصلاحية التي رفع لواءها الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ قد جددت معنى التوحيد في الجزيرة وخارجها، تلك الدعوة السلفية التي كانت تهدف إلى تصحيح عقيدة المسلمين مما شابها من أدران الشرك والبدع والخرافات والعودة إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإقامة مجتمع إسلامي يحكم بشرع الله ويقيم حدوده، وفق أحكام الشريعة الإسلامية وقد قيض الله ـ تعالى ـ لهذه الدعوة من نصرها وأيدها وأخلص لها وهو جد الملك عبد العزيز الأعلى الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ الذي نصر الدعوة، فانصهرت هذه القيادة الإدارية مع الدعوة السلفية فكان النصر والتوفيق والتمكين والعز والمجد حليفها.
ومن هنا حرص الملك عبد العزيز وأبناؤه من بعده على تبني هذه الدعوة السلفية، كما تبناها أسلافهم من آل سعود في الدولتين السعودية الأولى والثانية، وهكذا تميزت هذه الأدوار الثلاثة بالشخصية الإسلامية وفق المنهج الإسلامي القويم الصالح لشؤون البلاد وأحوال العباد، ففتح الله على هذه الدولة كنوز الأرض وزادها الله بسطة في العلم والصحة والرفاهية والجاه والأمن والاستقرار والتمكين.