وهكذا قاوم الملك عبد العزيز بكل حزم وشدة جميع مناشدات الرئيس الأمريكي السماح بهجرة حرة لليهود في فلسطين، حتى استطاع أن يحصل على وعد الرئيس روزفلت باسم الولايات المتحدة بألا تقف بلاده ضد أي خطوة معادية للعرب، وألا تساعد الصهيونية ضدهم، حيث يقول في رسالة وجهها للملك عبد العزيز مؤكداً الوعد الذي قطعه: " ... وإنه لما يسرني أن أجدد لجلالتكم التأكيدات التي تبلغتموها سابقاً بخصوص موقف حكومتي وموقفي كرئيس للسلطة التنفيذية فيما يتعلق بقضية فلسطين، وأن أعلمكم أن سياسة هذه الحكومة في هذا المضمار غير متغيرة".
ولم يغير هذا الوعد المقطوع بينهما إلا موت الرئيس روزفلت، وتجاهل خلفه الرئيس ترومان ما قطعه سلفه من عهود باسم حكومته، رغم تبادل الرسائل بينهما في هذا الشأن.
وله ـ رحمه الله ـ موقف آخر جدير بالذكر هنا لعلاقته بموضوع فلسطين، مع رئيس الوزراء البريطاني تشرشل عندما التقى الاثنان في الفيوم في مصر بعد اجتماع الملك عبد العزيز مع الرئيس روزفلت في البحيرات المرة، وكانت رواية الملك عبد العزيز للقاء كما يلي:
"إن تشرشل بدأ يتحدث معي مظهراً ثقته الكبيرة بنفسه، وبدا وكأنه يلوح لي بعصا غليظة قائلاً لي: إن إنجلترا أيدتني في الأيام الصعبة وتطلب مني أن أساعدها في موضوع فلسطين، وقال لي: إن عليّ أن أقود المعتدلين العرب إلى حل وسط مع الصهيونية، وهو يتوقع مني أن أساعد على تهيئة الرأي العام العربي لقبول تنازلات لليهود، ثم أجبته وقلت له: "لم أنكر إطلاقاً صداقتي لبريطانيا، وكصديق فإني قدمت ما أستطيع عندما كان الحلفاء يحاربون عدوهم، وقلت له: إن ما يقترحه عليّ ليس مساعدة لإنجلترا أو الحلفاء، ولكنه بالنسبة لي عمل من أعمال الخيانة لرسول الله ولكل المسلمين المؤمنين، وأنا لا أوافق على تنازل للصهيونيين، فضلاً عن أقنع غيري ... ".