وكان حريصاً على ألا يترك مجالاً أو فرصة يتحدث فيها إلا وتحدث عن قضية فلسطين، ولنورد مقتطفات من خطابه الذي ألقاه في المأدبة الكبرى التي أقامها لكبار الحجاج سنة 1364هـ، حيث ركز في ذلك الخطاب على القضية الفلسطينية أمام جميع ممثلي الدول الإسلامية في الحج، يقول ـ رحمه الله ـ: "إن مسألة فلسطين هي أهم ما يشغل أفكار المسلمين والعرب، وقد سبق لي أن تكلمت مع أركان الحكومة البريطانية، كما تحدثت مطولاً مع الرئيس روزفلت، وذكرت بكل صراحة الحيف الذي أصاب إخواننا عرب فلسطين والعنت والقهر اللذين خضعوا لهما، وطلبت إنصاف عرب فلسطين إن لم يكن بالمساعدات الفعلية، فعلى الأقل بالوقوف على الحياد وعدم مساعدة اليهود عليهم، ... وإن الحق والعدل والإنصاف يقضي بعدم إعانة اليهود على العرب، وأنا لا أخشى اليهود لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ضرب عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة، فإذا كنا متمسكين بمعتقدنا، عاملين بأوامر ديننا بإذن الله لا نخشى اليهود ولا نبالي بهم لأن الله ـ تعالى ـ معنا وهو ناصر دينه ومعلي كلمته إن شاء الله ... ".
وفي هذا الخطاب يتجلى لنا مدى تمسك الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بالجانب الديني وثقته بالله تعالى ونصره المؤزر لعباده المؤمنين الصادقين، واهتمامه بقضايا أمته ومقدساتها.
ومن جملة مواقفه تجاه قضية فلسطين تحذيره للرئيس الأمريكي روزفلت من الأخطار التي تنجم عن التفكير بفلسطين كوطن يأوي إليه اليهود، وذلك عندما حاول روزفلت أن يقنع الملك عبد العزيز بأن يكون أكثر تساهلاً في السماح بهجرة حرة لليهود في فلسطين بدعوى المعاناة القاسية التي تعرض لها اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، فكان جوابه له بقوله: "أعطوا اليهود وأحفادهم من بيوت الألمان الذين اضطهدوهم"، وقال له ـ أيضاً ـ في رسالة أخرى: "إن العرب واليهود بعد وعد بلفور المشؤوم لا يمكن أن يتعايشوا لا في فلسطين ولا في أي بلد عربي آخر".