امتشق عبد العزيز رحمه الله الحسام، حتى لا تكون فتنة، بدءاً باسترداد الرياض وسائر المغتصبات، ودفاعاً عن المقدسات، فلما أقام دولة العقيدة، كما مر وصفها، وصارت المملكة بذلك أنموذج الدولة الإسلامية، ومرتكز جماعتهم، والقدوة الرائدة للمسلمين في تطبيق الشريعة الإسلامية، أصبحت مواصلة القتال وسيلة لأن يتحول إلى قتال فتنة، لأن كثيرا من المسلمين مع الأسف واقع تحت تأثير الاستعمار الأجنبي، يوالون عدوهم، ويعادون أهل ملتهم، كالأكثرية، من مسلمي الهند، وغيرهم في المستعمرات البريطانية والفرنسية والإيطالية وغيرها، وقد كان مسلمو الهند الموالين للإنجليز يطالبون الحكومة البريطانية بإخراج عبد العزيز من الحجاز، ويفتون بسقوط فريضة الحج عن المسلمين، أو بتأجيلها، لأن عبد العزيز وليها، فلو واصل عبد العزيز القتال بعد أن أقام للمسلمين جماعتهم، لكان قتالا من أجل إدخال عامة المسلمين في هذه الجماعة، وهذا الغرض ليس موجبا للقتال، وليس لازما لاسيما إذا كان يترتب عليه من المفاسد ما هو أعظم من المصلحة، ولو واصل عبد العزيز القتال لذلك، لقاتلته الدول الاستعمارية بالمسلمين أنفسهم، ولصار القتال قتال فتنة، ولتحول الجهاد إلى حرب أهلية بين المسلمين أنفسهم، لأن البلاء من المسلمين أنفسهم، قال الأمير شكيب أرسلان: "لقد أصبح الفساد إلى حد أن أكبر أعداء المسلمين هم المسلمون، وأن المسلم إذا أراد أن يخدم ملته أو وطنه، قد يخشى أن يبوح بالسر من ذلك لأخيه، إذ يحتمل أن يذهب هذا إلى الأجانب المحتلين فيقدم لهم بحق أخيه الوشاية التي يرجو بها بعض الزلفى، وقد يكون أمله بها فارغا، ولله در الملك ابن سعود حيث يقول:"ما أخشى على المسلمين إلا من المسلمين، ما أخشى من الأجانب كما أخشى من المسلمين " [42] ، وقال محمد رشيد رضا مضيفاً إلى ما نقله شكيب أرسلان عن الملك عبد العزيز كما تقدم:"وقال (أي الملك عبد العزيز