) في محفل حافل بحجاج الأقطار ـ وقد طالبه مصري أزهري بمحاربة الانكليز والفرنسيس المعتدين على المسلمين ذاكرا عداوتهم لهم ـ:"الانكليز والفرنسيس معذورون إذا عادونا، لأنه لا يجمعنا بهم جنس ولا دين ولا لغة ولا مصلحة، ولكن المصيبة التي لا عذر لأحد فيها أن المسلمين أصبحوا أعداء أنفسهم، وأنا والله لا أخاف الأجانب، وإنما أخاف من المسلمين، فلو حاربت الانكليز لما حاربوني إلا بجيش من المسلمين " [43] . قال الأمير شكيب: "وهو كلام أصاب كبد الصواب، فإنه ما من فتح فتحه الأجانب من بلاد المسلمين إلا كان نصفه أو قسم منه على أيدي أناس من المسلمين، منهم من تجسس للأجانب على قومه، ومنهم من بث لهم الدعاية بين قومه، ومنهم من سل السيف في وجه قومه، وأسال في خدمتهم دم قومه " [44] .
قلت: لذا ترك عبد العزيز مواصلة القتال حتى لا يكون قتال فتنة.
فلما أقام دولة العقيدة، وصارت المملكة بذلك أنموذج الدولة الإسلامية، والقدوة الرائدة في تطبيق الشريعة الإسلامية ترك مواصلة القتال حتى لا يكون قتال فتنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكل ما أوجب فتنة وفرقة فليس من الدين، سواء كان قولا أو فعلا، ولكن المصيب العادل عليه أن يصبر عن الفتنة، ويصبر على جهل الجهول وظلمه إن كان غير متأول، وأما إن كان ذاك متأولا فخطؤه مغفور له، وهو فيما يصيب به من أذًى بقوله أو فعله له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور له، وذلك محنة وابتلاء في حق ذلك المظلوم، فإذا صبر على ذلك، واتقى الله كانت العاقبة له، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} آل عمران:120.