ومن أمثال هؤلاء العلماء والمصلحين، ذاك العالم الجليل الشيخ العلامة عبد الله بن عبد اللطيف رحمهما الله تعالى، الذي سبق أن أشرت إلى رسالته إلى بعض المشايخ الكرام وذكرت طرفا منها، ذكَّر فيها بنعمة الله تعالى ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام وظهوره، ثم شخص أسباب الكفر وبينها، وأهمها موانع في النفوس من أهواء وإرادات فاسدة، ورياسات لا يقوم ناموسها، ولا يحصل مقصودها إلا بمخالفة الحق وترك الاستجابة له، وهذا هو المانع في كل زمان ومكان، ولولا ذلك، ما اختلف من الناس اثنان، ولا اختصم في الإيمان بالله وإسلام الوجه له خصمان، ثم تطرق إلى تذكيرهم باختصاص الله إياهم بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى التوحيد، وأثنى على مناصرة الإمام محمد بن سعود وأبنائه للشيخ في دعوته وقال: إن الله تعالى يصنع لهم من عظيم صنعه، وخفي لطفه ما هداهم به إلى دينه، الذي ارتضاه لنفسه، واختص به من شاء كرامته وسعادته من خلقه، وأظهر لهم من الدولة والصولة ما ظهروا به على كافة العرب، وغدت لهم الرياسة والإمامة رتبة معلومة بمجرد السابقة والعادة، لا تزاحمهم فيها العرب العرباء، ولا يتطاول إليها بنو ماء السماء، وصالحهم يرجو فوق ذلك مظهرا، وجاهلهم يرتع في ثياب مجد، لا يعرف من حاكها ولا درى فلم يزل الأمر في مزيد … ثم يصف ما حدث من فتن الشهوات والشبهات ما أفسد على الناس الأعمال والإرادات، وجرى من الابتلاء والتطهير ما يعرفه الفطن الخبير، ثم بعد وصفه تلك المحنة والتفرق وصفا يشخص الحاجة ويشعر بها، يقول عن قيام الجماعة على يد الملك عبد العزيز: "ثم أذهب الله ذلك بقيام الجماعة، وتجديد الأخوة الإسلامية، وذهاب الشحناء، وعاد الأمر إلى ما كان عليه من ثبوت الإمامة والدعوة إلى الجماعة، وتجديد العهود والمواثيق على ذلك، فحمدنا الله تعالى وسألناه المزيد من فضله ورحمته، وكنا مغتبطين، وأذهب الله