عنا هباء الشبهات، وأطفأ نار تلك الضلالات …"ثم لما رأى بوادر منازعة الإمام الملك عبد العزيز،جعل رحمه الله يحذر هؤلاء العلماء خاصة لأنه بصلاحهم تصلح العامة، فيحذرهم ناصحاً لهم من بوادر بدرت تريد الشقاق وفل جمع المسلمين، إلى أن قال: فاستأنف النهار يا ابن جبير قبل أن تنفرج ذات البين بينكم معشر العلماء، ويضلل بعضكم بعضا، أو يفسقه أو يكفره، فتكونوا بذلك فتنة لجاهل مغرور، أو ضحكة لذي دهاء وفجور، تستباح بذلك أعراضكم ولا ينتفع بعلمكم، فاعقدوا لذلك محضرا، ولو طال منا ومن بعضكم لأجله سفر، للنظر فيما يصلح الإسلام، وتقوم به الحجة، ولو لم يعمل به عامل، تسدوا بذلك عنكم باب الفرقة، نصحا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فإني والله لا إخال الجرح يندمل، ولا الحية تموت إلا أن يشاء ربي شيئا، ولذلك لكثرة الطلاب لهذا الأمر، فقد وقع بكثرتهم البأس وأعضل، واحتاج العقل للنظر فيما هو الأصلح لدينه، والأرضى لربه، بالاجتماع على الأسد فالأسد، والأصلح فالأصلح، فإن الشيطان متكئ على شماله، متحيل بيمينه، فاتح حصنه لأهله، يدأب بين الأمة بالشحناء والعداوة، عناداً لله ولرسوله ولدينه، تأليبا وتأنيبا، يوسوس بالفجور، ويدلي بالغرور، ويزين بالزور، ويمني أهل الفجور والشرور، يوحي إلى أوليائه بالباطل، دأبا منه منذ كان، وعادة له منذ أهانه الله في سالف الأزمان، لا ينجوا منه إلا من أحب الآجل، وغض الطرف عن العاجل، وقط هامة عدو الله وعدو الدين، باتباع الحق والعمل به، رضي ذلك من رضيه، وسخطه من سخطه [36]