لقد استطاع الملك عبد العزيز رحمه الله وفق هذه المعطيات أن يعيد إلى المسلمين وخاصة في الجزيرة العربية ثقتهم في أنفسهم، وأن يعيد بناء إنسانها، ويصوغه صياغة جديدة. لقد حقق سلسلة من الانتصارات السياسية والعسكرية والاستراتيجية مما عاد بأعظم الآثار الحميدة على أبناء هذه الجزيرة بصفة خاصة وعلى المسلمين بصفة عامة، استطاع رحمه الله أن ينشىء دولة حديثة وكياناً من لا شيء معتمداً على الله أولاً ثم على قوته العظيمة الرُّوحية والبدنية ثم على أبناء شعبه ومعاونيه الذين استطاع بفضل الله ثم بوعيه وإخلاصه أن يعيد صياغتهم بسرعة فائقة بما يتفق والمهمة الصعبة التي انتدب نفسه لها قياماً بواجب الدين الذي ملأ قلبه وفكره ووفاءً لتاريخ البيت السعودي المجيد الذي ملأ سمع الدنيا وبصرها بالحركة التجديدية التي قادها عبر قرون متتالية، وكان لها أكبر الأثر في حياة المسلمين إلى اليوم، تم ذلك كله وسط تحديات خطيرة عالمية، وإقليمية ومحلية وما هي إلا سنوات قليلة حتى أبدل الله بالجهل علماً وبالفقر غنى وبالخوف أمناً وبالفرقة وحدة، وتساقطت دمى العمالة والجهل والغباء، وقصر النظر، وضيق الأفق والأنانية، والترهل والضياع كما تتساقط أوراق الخريف أمام جحافل التوحيد والطهر، والحق، والعدل، والحيوية والحركة، والشرف والمروءة، فاستعاد أبناء هذه المملكة قوتهم والقدرة على البناء، والنمو الشامل، والتطور، والإبداع.