لقد تحقق هذا كله بفضل الله ثم بأسباب جوهرية كان من أهمها تلك الصفات العظيمة التي تحلى بها الملك عبد العزيز، وعمل بقوة على نشرها بين شعبه، والعاملين معه، وكانت صفات الملك عبد العزيز وانجازاته محل إعجاب كل من عاصره ولمسها [8] يقول أحمد فؤاد: "يكاد بأعماله الهائلة يكون صورة من صور الأساطير قبل أن يكون بطلاً من أبطال التاريخ في مختلف عصوره، ويوم تصبح سيرته العجيبة فصلاً يُدرس في العالم العربي وفي معاهده وكلياته فستدرك الأجيال المقبلة أيَّ إنسان فذٍّ رائع قيض لعملية الإنشاء العربية هذه في طورها الأول، وسيعلم الجميع أن اسم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود سيظل إلى الأبد علماً من أعلام التاريخ البناءة في العالم كله".
ويقول عن الإنجاز: "ليس بين الأحداث التي عرفتها الجزيرة العربية منذ انقضاء عصر الخلفاء الراشدين ما يطاول بشموخ بنائه وسمو معانيه اجتماع الحجاز ونجد وتوابعها تحت تاج واحد في دولة موحدة حرة مستقلة باتت بما حققته من المنجزات وما ترسمته من سبيل قويم هي رمز العمل الوحدوي البناء الصحيح ومرآة المستقبل الأعظم لا لأبناء الجزيرة وحدها بل لأبناء العروبة في كل صقع وزمان" [9] .
وهذا البحث محاولة صادقة - صادرة عن حب وإعجاب وولاء في الله - لتجلية بعض تلك الصفات العظيمة، وتذكيراً بأن المكتسبات التي نعيشها في المملكة لم تأت من فراغ وإنما هي نتاج إيمان صادق، وقوة عظيمة - روحية وبدنية - استنفذت بكل قوة وصدق في بناء هذا الكيان العظيم وتحقيق أهداف نبيلة.
يقول العبود منبهاً على أهمية إدراك هذه الحقيقة: "وقد نشأ جيل جديد، وجد نفسه في نعمة هذه الوحدة، ولم يكن يعرف ضدها، وأخشى أن يلهو ويفتر وينسى سبب نعمته فلا يأخذ به فتنتقض عليه عرى أمنه - وهدايته - وتحل عليه بديلاتها مما يغزوه عبر الأقمار الصناعية وغيرها من عقائد الكفار وأفكارهم" [10] .