"منّ الله في آخر هذا الزمان بظهور الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل، وما منّ الله به في ولايته من انتشار هذه الدعوة الإسلامية، والملة الحنيفية، وقمع من خالفها، وإقبال كثير من البادية، والحاضرة على هذا الدين، وترك عوائدهم الباطلة، وكذلك ما حصل بسببه من هدم القباب، ومحو معاهد الشرك، والبدع، وردع أهل المعاصي، والمخالفات، وإقامة دين الله".

دعا - رحمه الله - إلى التمسك بدين الله تعالى، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وقد كان أسوة حسنة، وقدوة حكيمة في كل ذلك.

فقد كان وقته عامراً بذكر الله، وطاعته، يروي المؤرخون، ويتناقل معاصروه: أن الملك عبد العزيز كان يستيقظ قبل الفجر بساعة أو أكثر، يملؤها بقراءة القرآن، والتهجد، فإذا أذن الفجر أدى الصلاة في جماعة.

وبعد الفراغ من التسبيح، والأوراد يهجع إلى أن تشرق الشمس.

ويروي أحد من عاصره، وعمل معه، أن الملك عبد العزيز كان يقسم الليل ثلاثة أثلاث، فبعد صلاة العشاء يستمع إلى القرآن، وكان يقرأ عليه أحد المشايخ، وبعد انتهاء قراءة القرآن يذهب إلى المكتب في القصر نفسه، فيعمل ويصرف شؤون الدولة، وبعد ذلك يأوي إلى النوم حتى الثلث الأخير من الليل، ثم ينهض، ويمر في جوارنا - ونحن نيام - وهو ذاهب إلى مكان الوضوء، ثم يعود إلى غرفته؛ ليصلي صلاة التهجد، ويستمر حتى أذان الفجر، فيوقظنا للصلاة.

وكان من فقه الملك عبد العزيز، وسعة علومه: أنه كان حريصاً على دعوة الناس إلى المحافظة على الصلاة في أوقاتها مع جماعة المسلمين، وكان أحرص الناس على ذلك؛ ليقتدي به شعبه.

كان يفرغ من صلاة الفجر، ويلتفت يمينا ويساراً يتفقد المصلين، ويحصي من حضر ومن تخلف عن المسجد، وعندما يشك في غياب أحد دون عذر، يرسل إليه واحدا من حراسه لإحضاره، ويسأله عن عذره، فإذا جاء بشيء مقنع أخلى سبيله، وإلا أمر بمعاقبته، ثم يلتفت إليه قائلاً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015