والمجتمع الذي وحَّده الملك عبد العزيز آل سعود - يرحمه الله - كان كغيره من المجتمعات يعج بالفتن والاضطرابات، والانقسامات السياسية التي كانت تكيد لبعضها كيداً عظيماً، وتشن الحروب والغارات على بعضها البعض مِمَّا أسفر عنه انعدام الأمن بين الناس [26] .

ولكن وحينما توحَّد معظم أرجاء جزيرة العرب تحت قيادة سياسية واحدة مستقرة، تحكم بشريعة الله، وتنفذ أحكامه سبحانه بين الناس، وتراعي الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع، مع السهر على ما يحقق مصالحهم ويجلب الخير والنفع لهم، ويدرأ الشر عنهم، حينئذٍ أدرك الناس فوائد وثمرات الاستقرار السياسي، وما يمكن أن يحققه لهم من أمن وأمان وطمأنينة في حياتهم ومعيشتهم، فجنوا الخير العميم من وراء ذلك، وازدهرت أحوالهم، وتحسَّنت ظروفهم الاجتماعية، وأَمِنَ الناس على أنفسهم وأهليهم وأموالهم.

سابعاً: توطين البادية وإنشاء الهجر:

تقوم حياة البادية على الولاء القبلي وتحكيم العادات، والتقاليد المتوارثة المتعارف عليها وعدم التهاون فيها، واعتقاد بعضهم جهلاً أنَّ الحياة تقوم على مبدأ القوة، وتنفيذه بوسائل عديدة كالغزو والنهب والسلب، وما إلى ذلك.

هذا ما أدركه الملك عبد العزيز آل سعود - يرحمه الله - عندما كان يعيش بين أبناء القبائل في البادية حينما خرج من الرياض مع والده الإمام عبد الرحمن متوجهين إلى الكويت.

ونظراً لما كانت تمثله حياة البادية آنذاك من عدم استقرار، ومن قوى متحرِّكة لها ثقلها ووزنها، قام الملك عبد العزيز - رحمه الله تعالى - بمشروعه الكبير بتوطين البادية، وذلك بإنشاء الهجر لهم، وتعويدهم على مفهوم التعاون والتكافل فيما بينهم وترك عادات الغزو والنهب والسلب والفوضى الأمنية والاجتماعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015