وحينما قام الملك عبد العزيز - يرحمه الله - بتوحيد كيان المملكة العربية السعودية أوجد وأسَّسَ هيئة تُعْنَى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان ذلك سنة 1343 هـ؛ بل إنَّ كثيراً من المؤرِّخين يرجع بداية تنظيم الملك عبد العزيز لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حين دخوله الرياض سنة 1319هـ، وبعد استتباب واستقرار الأمور له، وإيكال أمر الهيئة والاحتساب على الناس إلى رجلٍ مهيب الجانب هو الشيخ عبد العزيز ابن عبد اللطيف آل الشيخ، وقام الملك عبد العزيز - يرحمه الله - بتزويد رجال الحِسْبة ببعض الأعوان والجنود، وما يحتاجون إليه في تأدية أعمالهم المنوطة بهم [21] .
واتَّسعت بعد ذلك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتشمل معظم مدن المملكة وقراها، واتسع نطاقها لتشمل جوانب هامَّة عديدة في المجتمع، الأمر الذي ساعد على حصول الأمن والأمان وحراسة المجتمع من كُلِّ ما يعكره أو يكدر صفوه [22] .
سادساً: الاستقرار السياسي:
يقرر علماء الاجتماع أنَّ الإنسان مدني بطبعه [23] ، وأنَّه يألف بني جنسه، ويعيش معهم في مجتمعات وتكوينات بشرية.
كذلك لابدَّ لتلك المجتمعات والتكوينات البشرية من قائد وموجه لها، وولي أمر يهتم بشأنها وبما يصلحها ويدرأ عنها ما يسوؤها.
وحينما تتنازع المجتمع عِدَّةُ قيادات، فإنَّه بلا شك سوف يحتار ويختل نظامه، وينعدم أمنه، ويتحزَّب أفراده {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [24] .
ولذا أكَّد الإسلام على وجوب الاستقرار والطاعة لولي الأمر كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [25] . والتاريخ مليء بالشواهد والبراهين التي تؤكِّد صحة ذلك.