" وكان عام 1328 هـ - 1910 م هو بداية التفكير بهذا المشروع الهام وذلك عندما استشار الملك عبد العزيز والده الإمام عبد الرحمن، وأركان العائلة السعودية، وبعض العلماء، فلمَّا كان عام 1330 هـ - 1912 م بدأ بوضع برنامج مشروعه موضع التنفيذ " [27] .
وكان لمشروع إنشاء الهجر وتوطين البادية فيها أهداف عديدة: دينية، وسياسية، واجتماعية، وعسكرية [28] .
وقد سلك الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى عِدَّة مسالك، واتخذ مجموعة من الوسائل في سبيل إنجاح برنامجه الطموح بتوطين البادية، كإقامة القبيلة عند مورد للماء، وإنشاء مسجد فيها، وإقامة بعض البيوت وإرسال مرشد وواعظ ديني يعلمهم أحكام الإسلام، وغير ذلك من الوسائل [29] .
وأقام الملك عبد العزيز في حياته ما ينوف عن مائة واثنتين وعشرين هجرة، وكانت أولها هجرة الأرطاوية لقبيلة مطير، وهجرة الغطغط لقبيلة عتيبة [30] .
ولا شك أنَّه كان لذلك المشروع الحيوي الهام أداته ووظيفته في حفظ الأمن بين الناس، وتعميق مفهوم الأمان الاجتماعي وإبراز فوائده بين أبناء القبائل.
ثامناً: نشر العلم الصحيح بين الناس:
لا شكَّ أنَّ للعلم أثره الواضح في الارتقاء بسلوك الإنسان وتهذيبه، وإكسابه معارف وخبرات لم تكن متاحة لديه.
كذلك يمدّ العلم الإنسان بآفاق جديدة في حياته تعرِّفه بوظيفته، وحقوقه، وواجباته، وما ينبغي عليه القيام والالتزام به.
وأُمَّة الإسلام أُمَّة العلم والمعرفة الحقيقية، فمنذ بدء الدعوة الإسلامية والآيات تترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيدة بالعلم وأهله، ومنوِّهة بفضله، ورفعة مكانتهم.
قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [31] .