وقال سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [16] .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " [17] .
ويقول الإمام النووي رحمه الله: " وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الكتاب، والسُنَّة، وإجماع الأُمَّة " [18] .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إنَّ جميع الولايات الإسلامية إنَّما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " [19] .
وما من شك أنَّ الأمَّة الإسلامية قد قامت بتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكان ذلك عنواناً لخيريتها، ودليلاً على صلاحها واستقامتها.
ومن الجوانب الهامَّة الدالة على تطبيق الأمة الإسلامية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إيجاد هيئة أو وظيفة تختص بهذا الواجب الهام، وتنفيذه عملياً بين الناس، ألا وهي: الحِسْبة، وهي كما عرَّفها العلماء: " أمرٌ بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهيٌ عن المنكر إذا ظهر فعله " [20] .
وبذا يتَّضِح أنَّ الحكمة من تشريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيجاد هيئات الحِسْبة في المجتمع، إنَّما هو من أجل إعلاء كلمة الله تعالى وتوحيده ونصرة دينه وإظهار شرعه وإبطال المنكرات والمبتدعات وكُلُّ ما يخل بأمن المجتمع واستقراره وطمأنينته.