فلقد قامت الدعوة إلى توحيد الله وإفراده سبحانه بالعبادة، وطرح كل ما ينافي ذلك من الشركيات والخرافات والبدع، والعودة إلى أصل الدين صافيا كما كان عليه السلف الصالح وهذا هو أصل الأصول وقاعدة القواعد، وهو محور رسالات الله ودعوات كل الأنبياء كما هو جلي في قول الحق جل ذكره: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] وقوله: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2] .
ولقد استمد الملك عبد العزيز منهاجه وقوته في عمله وإنجازه من قوة إيمانه بالله وصلته به ووثوقه بفضله، وتعلقه به وكان السر في نجاحه وسؤدده وتوفيق الله له: عقيدة التوحيد التي رباه عليها والده الإمام عبد الرحمن الذي تربى عليها هو بدوره في تسلسل ميمون إلى جده الأعلى الإمام محمد بن سعود رحمهم الله جميعاً.
ويتضح ذلك من عشرات المواقف الكريمة، أقتطف منها في هذه العجالة ما يجلي هذا المقام:
أ- يوم فتح الرياض بعدد قليل من الرجال لا يتجاوزون الأربعين وكان ذلك في موازين العقل السائد مغامرة أو ضربا من الخيال، لكن الإيمان بالله والوثوق بتأييده ونصره والتوكل عليه، والإنابة إليه، والاستعانة به، والتضرع بين يديه، وكلها من معاني التوحيد ولوازمه يفعل الأعاجيب. وبفضل الله ثم بوثوق عبد العزيز بالله وبنصره حقق ما أراد.
ب - أقواله المفعمة بالإيمان بالله، وتعد مدرسة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، له أسسه وخصائصه وسماته المميزة ومعالمه الواضحة، فمن أقواله: "اثنتان أحمد الله على واحدة منهما وأشكره على الأخرى، أحمد الله على أني أكره أهل الضلال وعلى كراهية أهل الضلال لي، وأشكره على محبة أهل الخير لي ومحبتي لهم" [18]