وقد لقي الشيخ من الجهلة صدودا وكيدا - شأن الدعوات الإصلاحية- فكان يفند ما افتري عليه بالدليل البين والأسلوب الرصين، ومن ذلك قوله في إحدى رسائله:
من محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الرحمن بن عبد الله (عالم أهل العراق في زمانه) .
سلام عليكم ورحمة الله وبركته أما بعد:
فقد وصل كتابك وسر الخاطر جعلك الله من أئمة المتقين، ومن الدعاة إلى دين سيد المرسلين وأخبرك إني ولله الحمد متبع ولست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم ألقى الله لكني بينت للناس إخلاص الدين لله ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم وعن إشراكهم فيما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة..) [ثم شرع يرد على الكذب الذي ألصقوه به وقال] : "ومنها ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني وازعم أن أنكحتهم غير صحيحة ويا عجبا؟ كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟ هل يقول هذا مسلم أو كافر؟ أو عارف أو مجنون؟! وكذلك قولهم إنه يقول لو أقدر على هدم قبة النبي صلى الله عليه وسلم لهدمتها وأما دلائل الخيرات فله سبب وذلك أني أشرت على من قبل نصيحتي من إخواني أن لا يصير في قلبه أجل من كتاب الله ويظن أن القراءة فيه أجل من قراءة القرآن، وأما إحراقه والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان فهذا من البهتان" [13] .
ومن هذا يتبين:
* أن دعوة الشيخ إنما كانت إلى أصل الدين الحنيف وأساسه وهو توحيد الله تعالى في عبادته، وهي أصل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله عليهم الصلاة والسلام، عقيدة سهلة تستجيب لها الفطر السليمة والعقول القويمة.