* وأنه - رحمه الله - كان بعيداً عن مظاهر التشدد والتطرف مما لفقه أهل الأهواء، وألصقوه به وراج عند الدهماء، فلقد طفق ينفي عن دعوته الغلو الذي افتراه عليه أعداء الدعوة، ويفند ذلك بالأدلة العقلية والنقلية في قوة وإفحام، وكيف وهو الذي نادى بالعودة إلى العقيدة صافية بعيدا عن غلو المتأولين وتأويلات المتكلمين.
· وأنه -رحمه الله - لم يأت بجديد، ولم يخترع مذهبا حديثا كما يلفقه أعداء الإسلام، وإنما أحيا الله عز وجل على يديه ما اندرس من معالم الدين وسنن الهدى، وأمات على يديه الشرك والبدع والخرافات والدجل والباطل الذي يروج ويسود في غيبة الحق.
إن التدين لا يصح ولا يستقيم إلا إذا كان الأسس التي بني عليها الإسلام وأول ذلك تحقيق التوحيد بأنواعه الثلاثة: الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، ثم إقامة مسالك الحياة على هذا الأساس.
وتوحيد العبادة أساس الحياة السعيدة وهو سر التفوق والمنجزات والاستقرار ومصدر كل خير وسبيل النجاة يوم القيامة، ولما مضى على هذا سلف المسلمين ازدهرت حضارتهم وسادوا الدنيا أكثر من ألف عام، وكان لهم ثقلهم ووزنهم في كافة الأصعدة، وإنه ليس يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح عليه أولها.
لمحة عن الأصالة:
(لولا الله ثم عبد العزيز) كلمة ترددها الشفاه أنى سارت، وأنى توجهت، يلفظها اللسان، وتنطلق من كل فم، يرددها البدوي ويلهج بها الحضري، ويقولها الأمي ويتغنى بها المثقف، الكل يقول لك: "لولا عبد العزيز بعد مشيئة الله لما كان كذا وكذا".
وهذه المقولة النابعة من الأعماق تعكس حالين متباينين: الحالة المتردية التي عاشها الناس قبل العهد السعودي من فشو الجهل والمرض والخوف وكل ما يفتقده المجتمع من مقومات الحياة الفاضلة في غيبة سلطان الشرع.