ثانيا - لا يخفى أن عصرنا عصر الغزو الإعلامي المقنن، الأمر الذي يستدعي أكثر من أي وقت مضى أن نربط حاضر مجتمعنا السامق بماضيه المجيد، وأن تظل أسباب العزة والقوة والوحدة نابضة في قلوب الشباب وضمائرهم كي يكونوا هداة مهتدين، وعلى طريق الرشد سائرين، يقول الدكتور صالح العبود: "وقد نشأ جيل جديد وجد نفسه في نعمة هذه الوحدة ولم يكن يعرف ضدها، وأخشى أن يلهو ويغتر وينسى سبب نعمته فلا يأخذ به، فتنتقض عليه عرى أمنه وهدايته، وتحل عليه بديلاتها مما يغزوه عبر الأقمار الصناعية وغيرها من عقائد الكفار وأفكارهم" [4] .
وعلى هذا فإن من الضرورات المعرفية بل من مقومات مجتمعنا أن يتعمق في وجداننا ومشاعرنا أسباب الأمن الوارف الذي نعيشه، والتلاحم العميق الذي نرفل فيه، والوحدة المكينة التي ننعم بها وهو ماثل في عقيدة التوحيد والاحتكام إلى الشرع المطهر وإقامة كافة مناهج الحياة ومباهجها على هذا الأساس، وأن يتعمق مع ذلك في مشاعرنا ما بذله ولاة الأمر في القديم والحديث من ترسيخ هذا الأصل الأصيل في ثقافتنا وبنيتنا الاجتماعية والفكرية، وما لهم من أياد بيضاء في خدمة العقيدة والإسلام والمسلمين، لا يرجون من ورائها جزاء ولا شكورا، ولا مقابل لها سوى الدعاء لهم بظهر الغيب دعاء خالصا يثمر وفاء وولاء وإخلاصا وتلاحما.