ثالثا - تصحيح المفاهيم الشوهاء وتصويبها في أذهان الذين ساروا مع الدعايات المغرضة أو سايروها، وذلك بالأسلوب العلمي الرصين وبالحجة والبرهان، من مثل اصطلاح (الوهابية) الذي يجده القارئون كثيرا في كتابات المستشرقين، وقد تركت صورة محرفة حتى لدى بعض مشاهير الكتاب والمؤلفين الإسلاميين كما في كتاب تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبي زهرة عفا الله عنه، إذ جهل حقيقة الدعوة التي نادى بها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فجعل ما أسماه بالوهابية مقترنة مع البهائية والقاديانية تحت عنوان (مذاهب حديثة) !. [5]
وهذا ولا شك إسفاف مبين، وفي مثله يقول الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل [6]
وقد فند الملك عبد العزيز رحمه الله هذه الشبهة وتلك الفرية كما سيأتي إيراده قريبا إن شاء الله، كما فندها من قبل الشيخ محمد وغيره رحمهم الله جميعا [7] .
وبادئ ذي بدء لا مندوحة من التذكير بأن ما قام به الملك عبد العزيز رحمه الله من تأسيس المملكة العربية السعودية وإقامة بنيانها على قواعد الإسلام ولإعلاء راية التوحيد ليس إلا مظهرا من مظاهر رحمة الله بعباده في هذه الجزيرة خاصة وبالمسلمين عامة، فللجزيرة العربية ومنها الحرمان الشريفان خصائصها المميزة، فهي مهبط الوحي وبها قبلة المسلمين ومن أرضها انبثقت رسالة الإسلام وسطعت أنوارها فعمت الأرض، وبالمدينة النبوية أقام النبي صلى الله عليه وسلم أول دولة للإسلام، فلم تكن المملكة التي أقامها الملك عبد العزيز إلا مظهراً من مظاهر رحمة الله وعنايته بالمسلمين، منذ أن انبثقت شجرة آل سعود المباركة.
ثم هو ثمرة لدعوة مستجابة إن شاء الله، دعوة خرجت من قلب إمام عادل كان يأمل ويرجو رحمة ربه أن تكون كلمة التوحيد في أمته وشعبه بقية نقية خالدة، قال ابن بشر عن الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود المتوفى سنة (1218هـ) :