وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح" [50] . هذا مما يؤكد أمنها واستقرارها، فالسلاح يحتاجه من احتاج الدفاع عن نفسه أو ماله أو عرضه، وهو عون للخائف على السكينة والإطمئنان، والشعور بهما، والله جل وعلا قال عن المسجد الحرام: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً..} ، وبالتالي القرية من حوله سياج له تحفظ وتحقق دواعي ذلك الأمان فهي آمنة، وإن جاء من خالف هذا التوجيه، وأرهب أهله وأفزعهم، فهو كالمسلم أمر بالصلاة ولا يصلي، عصياناً وتمرداً، وأمر بالصوم فلا يصوم، وأمر بالزكاة ولا يزكي.
وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً…} الآية من سورة [البقرة /126] .
قيل: اختلف العلماء في مكة وحرمها، هل صار ذلك حرماً آمناً من الجبابرة، والخسوف، والزلازل بسؤال الخليل عليه السلام؟.
أم لم يزل حرماً آمناً منذ خلق الله السماوات والأرض؟، وهو الصحيح، وإنما سأل الخليل عليه السلام ربه تبارك وتعالى أن يجعل ذلك آمناً من الجدب، والقحط، وأن يرزق أهل من الثمرات [51]
قال تعالى موجهاً نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا…} [النمل/91] .
وامتدح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة، عندما هاجر منها إلى المدينة بقوله: "والله إنك خير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" [52] . وقال أنس: الدجال يطأ كل بلدة إلاّ مكة والمدينة [53] .
وقال مجاهد: إذا قَتَل في الحرم، قُتِل في الحرم، وإذا أصاب حداً في الحرم أقيم عليه في الحرم، وإذا قَتَل في غير الحرم ثم دخل أمِنَ [54] .
قال ابن عباس: إذا دخل القاتل الحرم لم يُؤْوَ، ولم يُبايع، ولم يُجالس، ولم يُسْقَ حتى يخرج [55] .