وعن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: العمرة على الناس كلهم إلاّ على أهل مكة، فإنها ليست عليهم عمرة، إلاّ أن يقدم أحدهم من أفق من الآفاق [56] .
روى علقمة بن نضلة قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وما تُدعى رباع مكة إلاّ السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن [57] .
قال ابن العربي: والذي عندي الآن فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح مكة عَنْوة، لكنَّه مّنَّ عليهم في أنفسهم، فسموا الطلقاء، ومَنَّ عليهم في أموالهم وأمر مناديه فنادى: من أغلق عليه بابه فهو آمن، وتركهم في منازلهم على أحوالهم من غير تغيير عليهم، لكن الناس إذا كثروا واردين عليهم شاركوهم، بحكم الحاجة إلى ذلك [58] .
قال مالك وغيره: ليست الدور في ذلك كالمسجد، بل هي مُتملّكَة.
وعن أسامة بن زيد، قال: قلت: يا رسول الله أين تنزل غداً؟ في حَجَّتهِ، قال: "وهل… ترك لنا عقيلٌ منزلاً؟ ثم قال: نحن نازلون بخيف بني كنانة - المُحصَّب - حيث قاسَمَتْ قريش على الكفر" [59] .
قوله: "هل ترك لنا عقيلٌ منزلاً" دليل علىبقاء دور مكة لأربابها [60] .
ثانياً: المسجد الحرام
ويراد به الكعبة بيت الله الحرام، وما أحاط به من جميع جهاته المختلفة، وما يلحق به من أروقة، وساحات مهما اتسعت، وتكون فيه صفوف المصلين متصلة خلف إمام واحد.
ووصفه (بالحرام) خاص به دون غيره من أماكن العبادة التي ذكرها الله في كتابه العزيز، فإذا جاء ذكر غيره من أماكن العبادة جاء مجرداً، أو موصوفاً بصفة أخرى، حتى المسجد الأقصى، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ…} [الإسراء/1] .
وقال تعالى عن مسجد قباء في المدينة: {… لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ…} [التوبة/108] .