يتضمن هذا المبحث تحديد معالم أصوله التربية الإسلامية المستخلصة من وصايا لقمان لابنه حيث تعد وصاياه دستوراً كاملاً في أصول التربية الإسلامية، فقائلها أب ومعلم صالح آتاه الله الحكمة، هذا بالإضافة إلى أنها نابعة عن قناعة وصدق، ومبنية على التجربة والمعرفة وهي تهدف أولا وأخيراً أن يحقق الإنسان المسلم العبودية الكاملة لله سبحانه وتعالى وحده في حياته الفردية والاجتماعية وهذه هي غاية التربية الإسلامية كما هي غاية خلق الله للإنسان في هذه الدنيا قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} (1) .
وفيما يلي بيان لتلك الأصول التربوية:
الأصل الأول: العقيدة الإسلامية وجوهرها التوحيد:
إن عقيدة التوحيد وإفراد الله وحده بالعبادة هي أجل المسائل وأعظمها على الإطلاق فمن أجلها خلق الله الخلق وأنزل الكتب وبعث الرسل وجعل الجنة والنار.
والمتأمل لآيات القرآن الكريم يجدها تبدى وتعيد في شأن العقيدة، تبينها وتوضحها داعية إليها، محذرة من ضدها في آيات كثيرة وبطرق متنوعة وأساليب مختلفة.
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} (2) .
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (3) .
ومن هنا كان أول واجب على المكلف أن يرتبط منذ تعقله بأركان الإيمان المذكورة في حديث جبريل عليه السلام فغرس العقيدة الإسلامية في النفوس هو أمثل طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع تقوم بدورها كاملا في الحياة، وتسهم فيه بنصيب كبير في تزويدها بما هو أنفع وأرشد، وانعكست آثارها على سلوكهم.